شهادات من الضحايا :: تقرير عن فرع الخطيب - أمن الدولة
تقرير عن فرع الخطيب - أمن الدولة
وشهادة المعتقل: ياسر عبد الصمد حسين كرمي
مركز توثيق الإنتهاكات في سوريا
آب ٢٠١٣
لتحميل هذا التقرير كملف PDF

مقدمة:
تسمية "فرع أمن الدولة أو إدارة أمن الدولة" هي تسمية غير رسمية "لإدارة المخابرات العامة" كون هذه الأخيرة كانت تقوم باعتقال المواطنين والنشطاء ويتمّ تحويلهم إلى "محكمة أمن الدولة" سابقاً، فقد ارتبطت تسمية "أمن الدولة" بإدارة المخابرات العامة بل حلت محلها عند الكثير من المواطنين.
عملياً يدير جهاز ما يسمى "ادارة المخابرات العامة" العديد من الفروع الأخرى في محافظة دمشق نفسها، ويتبع لها في كل محافظة ما يسمى أيضاً "فرع أمن الدولة" في المحافظات عادة، أمّا الأفرع المتواجدة في دمشق فقد استطاع مركز توثيق الانتهاكات وعن طريق أحد الضباط المنشقين - الذي رفض الكشف عن أي تفصيل حول هويته سوى أنه كان من أحد عناصره السابقين – معرفة أسماء الأفرع التالية:
عملياً يدير جهاز ما يسمى "ادارة المخابرات العامة" العديد من الفروع الأخرى في محافظة دمشق نفسها، ويتبع لها في كل محافظة ما يسمى أيضاً "فرع أمن الدولة" في المحافظات عادة، أمّا الأفرع المتواجدة في دمشق فقد استطاع مركز توثيق الانتهاكات وعن طريق أحد الضباط المنشقين - الذي رفض الكشف عن أي تفصيل حول هويته سوى أنه كان من أحد عناصره السابقين – معرفة أسماء الأفرع التالية:
- فرع التحقيق أو كما يسمى الفرع 285
- الفرع الخارجي أو كما يسمى الفرع 279
- فرع المداهمة أو الفرع 295 ، وله تسمية ثالثة وهي: فرع "مدرسة أمن الدولة" حيث أن مقرها يقع ضمن مدرسة أمن الدولة في منطقة نجها بريف دمشق.
- فرع الخطيب وسمّي بهذا الاسم نتيجة موقعه الجغرافي الواقع في منطقة الخطيب بشارع بغداد بالقرب من الهلال الأحمر السوري بوسط دمشق، ويسمى أيضاً الفرع 251 وله تسمية ثالثة وهي الأدق "الفرع الداخلي"
-
فرع الأربعين، أو فرع "مكافحة الإرهاب" وهو أدنى إدارياً من فرع الخطيب ويقع في منطقة الجسر الأبيض بوسط دمشق، على الإحداثيات التالية:
33°31'29.72"N 36°17'23.25"E - فرع مدير الإدارة، أو كما يسمى فرع 111
- فرع المعلومات أو كما يسمى الفرع 255
- الفرع الهندسي أو كما يسمى الفرع 280
- فرع الدورات أو كما يسمى الفرع 290
- فرع التجسس أو كما يسمى الفرع 300
خارج العاصمة دمشق:
- فرع أمن الدولة في محافظة حمص أو كما يسمى الفرع 318
- فرع أمن الدولة في محافظة حماه أو كما يسمى الفرع 320
- فرع أمن الدولة في محافظة حلب أو كما يسمى الفرع 322
- فرع أمن الدولة في محافظة دير الزور أو كما يسمى الفرع 327
- فرع أمن الدولة في مدينة القامشلي أو كما يسمى الفرع 330

قام مركز توثيق الانتهاكات في سوريا بأخذ شهادة أحد المعتقلين السابقين الذين تمّ اعتقالهم من قبل الفرع المذكور ويُدعى الناشط ياسر عبد الصمد حسين "كرمي" 34 عام من مواليد مدينة كوبانيه "عين العرب" التابعة لمحافظة حلب، ومقيم في محافظة دمشق، حيث كان قد اعتقل بتاريخ 31-12-2012 في كمين على يد قوات الأمن في ساحة السبع بحرات بوسط دمشق، بعد اعتقال أحد أصدقائه وتوجيه تهمة محاولة اغتيال رئيس الجمهورية ووزير الخارجية السوري وليد المعلم له وهو المعتقل أنس عبد الحكيم الحسيني.
رابط المقابلة التي بثها التلفزيون السوري مع المتهم الحسيني:
http://www.youtube.com/watch?v=BWVTufyAlec&feature=youtu.be
http://www.youtube.com/watch?v=jFxhfAApibU&feature=youtu.be
يقول ياسر:
بتاريخ 31– 12– 2012 اتصل بي صديقي أنس وطلب مني القدوم لأمر هام إلى ساحة السبع بحرات بوسط دمشق، وتحديدأ عند البنك المركزي، وعند وصولي إلى المكان المحدد قامت عناصر أمنية باعتقالي ووضعي في سيارة جيب عسكرية وعرفت من خلال حديثهم أنهم يقتادونني إلى "فرع الأربعين" والذي يقع في منطقة الجسر الأبيض، وأثناء ذهابنا كانوا يقومون بصعقي بواسطة "مسدسات كهربائية" مترافقاً مع سيل هائل من الشتائم، وعند وصولي إلى فرع الأربعين تمّ التحقيق معي من قبل أحد الضباط وكان برتبة مقدم ويتكلم اللهجة الساحلية، حيث قام بضربي أكثر من ثلاثين ضربة بواسطة كبل كهربائي على قدمي " الفلقة" وأرداني أرضاً ثم قام بالضرب على منطقة الرأس بشكل مباشر "الدعس" ثم أمر باخراجي من المكتب.
بعدها قاموا بأخذي إلى فرع الخطيب المتواجد في شارع بغداد، والتابع لأمن الدولة، وأدخلوني إلى "مهجع" كان بمساحة 5*3 أمتار وكان يحمل الرقم ( 29 ) وكان عدد المعتقلين يتراوح ما بين ( 130 ) معتقلاً إلى ( 150 ) معتقلاً. أمضيت ليلتي هناك وفي الصباح الباكر قاموا بالمناداة على اسمي وأخذي إلى فرع الأربعين مجدداً لتبداً حلقة التحقيق الأولى؛ فعند وصولي مباشرة انهالت عليّ العناصر الموجودة بالضرب المبرّح وكان هذا الأسلوب في الضرب من بين أشد واقسى أدوات التعذيب الموجودة في الفرع، حيث كان يقوم عنصران أو أكثر بضرب المعتقل بقوة وعلى كافة مناطق الجسم وخاصة على منطقة الوجه والرأس، ثم قاموا بصعقي بالكهرباء "القوية" أي كانت عدد الفولتات ( 220 ) فولتاً وكان الصعق يتمّ على منطقة الفخذين ومنطقة الكتف وعلى الأعضاء الحساسة "العضو التناسلي" تكررت العملية أربعة مرات متالية، ثم جاؤوا بكبل "كان عبارة عن عجلة سيارة تم قطعها بطريقة معينة وأصبح عرضها حوالي 10 سم " وكانت خاصة بالضرب على منطقة الظهر والقدمين. وكان يُطلب مني الاعتراف بالتعامل مع مخابرات الدول الأجنبية والاعتراف بمحاولة اغتيال رئيس الجمهورية ووزير خارجيته، تكررت هذه العملية من الضرب والتعذيب خمسة أيام متكررة؛ حيث كان يتمّ جلبي في الصباح ثم تبدأ عملية التعذيب لمدة أربع أو خمس ساعات ويتمّ إرجاعي إلى فرع الخطيب لأقضي ليلتي هناك.
بعد اليوم الخامس تمّ تحويل ملفي بشكل كامل إلى فرع الخطيب نفسه، ثم بدأت جولة تحقيق أخرى جديدة وكانت من بين أقسى جولات التعذيب والضرب التي تعرضتُ لها، فقد استمرت العملية 12 يوماً متواصلاً، وكان من بين أشد أساليب التعذيب إيلاماً وضع رأس المعتقل على الأرض ثم البدء بركله وضربه على منطقة الإنف والفم، إلى أن تُدمي تلك المنطقة بشكل كامل، ثم كان هنالك عنصرين يتناوبان الضرب بالأيدي على منطقة الوجه والرأس، وكانوا يطلبون مني الجلوس بوضيعة "جاثياً" حوالي خمس ساعات متواصلة، وكان يُطلب مني الإعتراف بنفس التهم الموجهة إلي في فرع الأربعين في الجسر الأبيض.....
بعد مرور اثنا عشر يوماً تمّ وضعي في المهجع نفسه ( 29 ) وكان عدد المعتقلين وصل فيه إلى أكثر من ( 150 ) معتقلاً النسبة الساحقة منهم كانت من أصحاب الاعتقالات العشوائية والتي تحدث عادة عند اقتحام حيّ بعينه.
أمّا وجبات الطعام كانت عبارة عن وجبتين في اليوم وبكميات قليلة جداً، حيث كان يُقدمون لنا الرز القاسي النصف مطبوخ يومياً، أمّا الوجبة الثانية فكانت عبارة عن القليل من شوربة العدس، أو قليل من البطاطا المسلوقة .....
كان المهجع يحتوي على حمام "تواليت" صغير فقط لقضاء الحاجة، وكان يُمنع منعاً باتاً الاستحمام، فخلال الأربعة أشهر التي قضيتها هنالك لم أقم بعملية الاستحمام أبداً وكذلك جميع المعتقلين، وكنا نستعمل صنبور ماء واحد لقضاء الحاجة وشرب الماء وغسل منطقة الإبط بسبب منعنا من الاستحمام، أدى ذلك بدوره إلى انتشار الأمراض بشكل كبير بين المعتقلين وبالأخص الإلتهابات الجلدية والتقرحات، وكان هنالك مرض غريب منتشر بين المعتقلين وكان عبارة عن ورم كبير يظهر في نسبته الساحقة في منطقة القدم واليدين، وكانت المنطقة تنتفخ بشكل مخيف جداً وكانت الدماء "والقيح" ينزل منه باستمرار، خاصة في الثلاثة الأشهر الأخيرة حيث تمّ أخذ جميع ملابس المعتقلين وأصبحوا شبه عراة إلا من ملابسهم الداخلية مما أدى إلى زيادة الأمراض بين جميع المعتقلين بسب الإحتكاك الجسدي اللاإرادي بسبب ضيق المكان.
كان فرع الخطيب يشهد حالات وفاة يومية، وكانت نسبتها الساحقة نتيجة التعذيب الشديد الذي كان يتعرض له المعتقلون، وأغلب حالات الوفاة تحت التعذيب كان في أيام الاعتقال الأولى، حيث كان الإسلوب نفسه متبعاً مع جميع المعتقلين، فعند دخول أي معتقل جديد كانت عملية التحقيق تبدأ بالضرب المبرح والشديد من قبل عدة عناصر على جميع مناطق جسم المعتقل، وكان أغلبهم لا يتحمّل هذا الضرب الشديد، ويدخل في حالة تشبه الهذيان أو كما تُسمّى في لغة المعتقلات "الفصل"
ويفارق الحياة بعدها بحوالي أربعة أو خمسة أيام حيث كان يُمنع الاقتراب من أي معتقل أو مساعدته، أيضاً كان فرع الخطيب يشهد حالات غرغرينا كثيرة، وكان الطبيب يأتي مرة واحدة شهرياً ويقوم بوضع القليل من المطهرات على الجروح التي تستدعي حالات علاج فورية أو إجراء عمليات جراحية ..... شهدتُ حالات وفاة لعدد من الأشخاص من منطقة الزبداني بريف دمشق، حيث كان قد تمّ اعتقالهم عشوائياً وأحدهم كان أباً لثلاثة بنات، لم يتحمل الضغط النفسي الشديد فاستشهد على اثرها.
كان هنالك مهجع خاص للنساء في فرع الخطيب وكان يحمل الرقم ( 28 ) كان عدد المعتقلات يتراوح ما بين 50 إلى 60 معتقلة، في أغلب الأيام كان صراخهن يملأ المكان نتيجة التعذيب الذي كن يتعرضنَ له خاصة في عمليات التحقيق التي تلي الاعتقال مباشرة.
بعد مضي أربعة اشهر متتالية قضيتها في فرع الخطيب تقرر نقلي مع 24 معتقلاً آخراً إلى إدارة المخابرات العامة، عند وصولنا في فترة الظهيرة تمّ جمعنا جميعاً في غرفة واحدة وسكبوا الماء علينا ثم بدأو بعملية ضرب جماعي استمرت لعدة ساعات بواسطة الكابلات ... وفي اليوم التالي بدأوا بعملية تحقيق جديدة لكافة المعتقلين ال ( 24 ) حيث كان يتم معاملتنا وكأننا معتقلين جُدد، عملية التحقيق في إدارة المخابرات العامة كانت شبيهة إلى حدّ كبير مع ما يحدث من أهوال في فرع الخطيب، ولكن بوحشية أكثر رغم أنني لم أصادف أية حالة وفاة طيلة فترة الشهر التي قضيتها هنالك.
من بين أقسى عمليات التعذيب وأشرسها على الإطلاق، عندما كانوا يقوموا بإخراج يد المعتقل من الشباك العلوي لباب الزنزانة، وكان يتمّ ربط كلتا يديه بواسطة بلاستيك شديد القساوة، وكانت عملية الضرب تبدأ بالهراوات على كف اليدين إلى تنتفخ وتصبح ذات لون أزرق دامي، أو يتم إخراج رأس المعتقل من شباك أسفل الباب يُقدم عبره الطعام للسجين عادة، وكان يتمّ الركل والضرب على الرأس والأنف حتى تملأ الدماء وجهه، ومن بين أسوأ الطرق أيضاً هو الضرب بقطعة من عجلات السيارات التي كان قد تمّ قصها بعرض حوالي 10 سم كان صوته يشبه صوت الرصاص أثناء الضرب.
من بين اساليب التعذيب أيضاً هو الطلب من المعتقل الوقوف لساعات طويلة واقفاً على قدميه كانت أحياناً تصل لمدة ثماني ساعات متواصلة، أو كان يُطلب منه الجلوس على ركبتيه أيضاً لساعات طويلة كان تؤدي أحياناً ببعض المعتقلين إلى الإغماء.
كان الغذاء أغلب الأوقات عبارة عن القليل من البطاطا المسلوقة وربع أو نصف رغيف من الخبز، وكان حراس السجن أحياناً يقومون بالدعس "الدوس" عليها بأحذيتهم قبل إدخالها للزنزانة وكانت تؤكل من المعتقلين دون أي تعليق، وكانت تقدم وجبة عشاء ولكن ليس بشكل يومي، حيث كان يتمّ حرمان المعتقلين من العشاء في أغلب الأوقات.
الأمراض كانت متشرة بشكل كثيف جداً وخاصة الجلدية منها كما كان يحدث في فرع الخطيب، وكان معظم المعتقلين يعانون من تقرحات جلدية ملتهبة في جميع أعضاء جسمهم.
بعد مضي حوالي شهر قضيتها في إدارة المخابرات العامة وتحديداً بتاريخ 25-5-2013 تمّ تحويلي إلى إدارة الأمن السياسي- شعبة الأمن السياسي – بمنطقة المزة، حيث تم التحقيق معي مجدداً بشكل سريع، ثم قاموا بإخباري بأنه سوف يتمّ اطلاق سراحي نتيجة عفو رئاسي بعد تدخل منظمة دولية للإفراج عن عدد من المعتقلين. وفي حوالي الساعة الثانية عشر من منتصف ليل ذلك اليوم تمّ الإفراج عني والسماح لي بالعودة إلى البيت.
من بين الأمور "الطريفة" التي مرت معي خلال فترة الاعتقال وخاصة في فرع الخطيب، حيث شهدت عملية تحقيق مع طفلين لا تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاماً من منطقة حرستا بريف دمشق، وكان يُطلب منهم الإعتراف بانهم من التنظيمات المسلحة وبالفعل أقرّوا بذلك، فقد أقرّ الأول بأنه قام بتفجير دبابة عندما أصابها بقذيفة هاون من على الكتف، أمّا الثاني فقد اعترف بتهمة "مخزّن" أي من يقوم بتعبئة مخازن السلاح للجماعات المسلحة !!
أجرى اللقاء الزميل: بسام الأحمد
بعدها قاموا بأخذي إلى فرع الخطيب المتواجد في شارع بغداد، والتابع لأمن الدولة، وأدخلوني إلى "مهجع" كان بمساحة 5*3 أمتار وكان يحمل الرقم ( 29 ) وكان عدد المعتقلين يتراوح ما بين ( 130 ) معتقلاً إلى ( 150 ) معتقلاً. أمضيت ليلتي هناك وفي الصباح الباكر قاموا بالمناداة على اسمي وأخذي إلى فرع الأربعين مجدداً لتبداً حلقة التحقيق الأولى؛ فعند وصولي مباشرة انهالت عليّ العناصر الموجودة بالضرب المبرّح وكان هذا الأسلوب في الضرب من بين أشد واقسى أدوات التعذيب الموجودة في الفرع، حيث كان يقوم عنصران أو أكثر بضرب المعتقل بقوة وعلى كافة مناطق الجسم وخاصة على منطقة الوجه والرأس، ثم قاموا بصعقي بالكهرباء "القوية" أي كانت عدد الفولتات ( 220 ) فولتاً وكان الصعق يتمّ على منطقة الفخذين ومنطقة الكتف وعلى الأعضاء الحساسة "العضو التناسلي" تكررت العملية أربعة مرات متالية، ثم جاؤوا بكبل "كان عبارة عن عجلة سيارة تم قطعها بطريقة معينة وأصبح عرضها حوالي 10 سم " وكانت خاصة بالضرب على منطقة الظهر والقدمين. وكان يُطلب مني الاعتراف بالتعامل مع مخابرات الدول الأجنبية والاعتراف بمحاولة اغتيال رئيس الجمهورية ووزير خارجيته، تكررت هذه العملية من الضرب والتعذيب خمسة أيام متكررة؛ حيث كان يتمّ جلبي في الصباح ثم تبدأ عملية التعذيب لمدة أربع أو خمس ساعات ويتمّ إرجاعي إلى فرع الخطيب لأقضي ليلتي هناك.
بعد اليوم الخامس تمّ تحويل ملفي بشكل كامل إلى فرع الخطيب نفسه، ثم بدأت جولة تحقيق أخرى جديدة وكانت من بين أقسى جولات التعذيب والضرب التي تعرضتُ لها، فقد استمرت العملية 12 يوماً متواصلاً، وكان من بين أشد أساليب التعذيب إيلاماً وضع رأس المعتقل على الأرض ثم البدء بركله وضربه على منطقة الإنف والفم، إلى أن تُدمي تلك المنطقة بشكل كامل، ثم كان هنالك عنصرين يتناوبان الضرب بالأيدي على منطقة الوجه والرأس، وكانوا يطلبون مني الجلوس بوضيعة "جاثياً" حوالي خمس ساعات متواصلة، وكان يُطلب مني الإعتراف بنفس التهم الموجهة إلي في فرع الأربعين في الجسر الأبيض.....
بعد مرور اثنا عشر يوماً تمّ وضعي في المهجع نفسه ( 29 ) وكان عدد المعتقلين وصل فيه إلى أكثر من ( 150 ) معتقلاً النسبة الساحقة منهم كانت من أصحاب الاعتقالات العشوائية والتي تحدث عادة عند اقتحام حيّ بعينه.
أمّا وجبات الطعام كانت عبارة عن وجبتين في اليوم وبكميات قليلة جداً، حيث كان يُقدمون لنا الرز القاسي النصف مطبوخ يومياً، أمّا الوجبة الثانية فكانت عبارة عن القليل من شوربة العدس، أو قليل من البطاطا المسلوقة .....
كان المهجع يحتوي على حمام "تواليت" صغير فقط لقضاء الحاجة، وكان يُمنع منعاً باتاً الاستحمام، فخلال الأربعة أشهر التي قضيتها هنالك لم أقم بعملية الاستحمام أبداً وكذلك جميع المعتقلين، وكنا نستعمل صنبور ماء واحد لقضاء الحاجة وشرب الماء وغسل منطقة الإبط بسبب منعنا من الاستحمام، أدى ذلك بدوره إلى انتشار الأمراض بشكل كبير بين المعتقلين وبالأخص الإلتهابات الجلدية والتقرحات، وكان هنالك مرض غريب منتشر بين المعتقلين وكان عبارة عن ورم كبير يظهر في نسبته الساحقة في منطقة القدم واليدين، وكانت المنطقة تنتفخ بشكل مخيف جداً وكانت الدماء "والقيح" ينزل منه باستمرار، خاصة في الثلاثة الأشهر الأخيرة حيث تمّ أخذ جميع ملابس المعتقلين وأصبحوا شبه عراة إلا من ملابسهم الداخلية مما أدى إلى زيادة الأمراض بين جميع المعتقلين بسب الإحتكاك الجسدي اللاإرادي بسبب ضيق المكان.
كان فرع الخطيب يشهد حالات وفاة يومية، وكانت نسبتها الساحقة نتيجة التعذيب الشديد الذي كان يتعرض له المعتقلون، وأغلب حالات الوفاة تحت التعذيب كان في أيام الاعتقال الأولى، حيث كان الإسلوب نفسه متبعاً مع جميع المعتقلين، فعند دخول أي معتقل جديد كانت عملية التحقيق تبدأ بالضرب المبرح والشديد من قبل عدة عناصر على جميع مناطق جسم المعتقل، وكان أغلبهم لا يتحمّل هذا الضرب الشديد، ويدخل في حالة تشبه الهذيان أو كما تُسمّى في لغة المعتقلات "الفصل"
ويفارق الحياة بعدها بحوالي أربعة أو خمسة أيام حيث كان يُمنع الاقتراب من أي معتقل أو مساعدته، أيضاً كان فرع الخطيب يشهد حالات غرغرينا كثيرة، وكان الطبيب يأتي مرة واحدة شهرياً ويقوم بوضع القليل من المطهرات على الجروح التي تستدعي حالات علاج فورية أو إجراء عمليات جراحية ..... شهدتُ حالات وفاة لعدد من الأشخاص من منطقة الزبداني بريف دمشق، حيث كان قد تمّ اعتقالهم عشوائياً وأحدهم كان أباً لثلاثة بنات، لم يتحمل الضغط النفسي الشديد فاستشهد على اثرها.
كان هنالك مهجع خاص للنساء في فرع الخطيب وكان يحمل الرقم ( 28 ) كان عدد المعتقلات يتراوح ما بين 50 إلى 60 معتقلة، في أغلب الأيام كان صراخهن يملأ المكان نتيجة التعذيب الذي كن يتعرضنَ له خاصة في عمليات التحقيق التي تلي الاعتقال مباشرة.
بعد مضي أربعة اشهر متتالية قضيتها في فرع الخطيب تقرر نقلي مع 24 معتقلاً آخراً إلى إدارة المخابرات العامة، عند وصولنا في فترة الظهيرة تمّ جمعنا جميعاً في غرفة واحدة وسكبوا الماء علينا ثم بدأو بعملية ضرب جماعي استمرت لعدة ساعات بواسطة الكابلات ... وفي اليوم التالي بدأوا بعملية تحقيق جديدة لكافة المعتقلين ال ( 24 ) حيث كان يتم معاملتنا وكأننا معتقلين جُدد، عملية التحقيق في إدارة المخابرات العامة كانت شبيهة إلى حدّ كبير مع ما يحدث من أهوال في فرع الخطيب، ولكن بوحشية أكثر رغم أنني لم أصادف أية حالة وفاة طيلة فترة الشهر التي قضيتها هنالك.
من بين أقسى عمليات التعذيب وأشرسها على الإطلاق، عندما كانوا يقوموا بإخراج يد المعتقل من الشباك العلوي لباب الزنزانة، وكان يتمّ ربط كلتا يديه بواسطة بلاستيك شديد القساوة، وكانت عملية الضرب تبدأ بالهراوات على كف اليدين إلى تنتفخ وتصبح ذات لون أزرق دامي، أو يتم إخراج رأس المعتقل من شباك أسفل الباب يُقدم عبره الطعام للسجين عادة، وكان يتمّ الركل والضرب على الرأس والأنف حتى تملأ الدماء وجهه، ومن بين أسوأ الطرق أيضاً هو الضرب بقطعة من عجلات السيارات التي كان قد تمّ قصها بعرض حوالي 10 سم كان صوته يشبه صوت الرصاص أثناء الضرب.
من بين اساليب التعذيب أيضاً هو الطلب من المعتقل الوقوف لساعات طويلة واقفاً على قدميه كانت أحياناً تصل لمدة ثماني ساعات متواصلة، أو كان يُطلب منه الجلوس على ركبتيه أيضاً لساعات طويلة كان تؤدي أحياناً ببعض المعتقلين إلى الإغماء.
كان الغذاء أغلب الأوقات عبارة عن القليل من البطاطا المسلوقة وربع أو نصف رغيف من الخبز، وكان حراس السجن أحياناً يقومون بالدعس "الدوس" عليها بأحذيتهم قبل إدخالها للزنزانة وكانت تؤكل من المعتقلين دون أي تعليق، وكانت تقدم وجبة عشاء ولكن ليس بشكل يومي، حيث كان يتمّ حرمان المعتقلين من العشاء في أغلب الأوقات.
الأمراض كانت متشرة بشكل كثيف جداً وخاصة الجلدية منها كما كان يحدث في فرع الخطيب، وكان معظم المعتقلين يعانون من تقرحات جلدية ملتهبة في جميع أعضاء جسمهم.
بعد مضي حوالي شهر قضيتها في إدارة المخابرات العامة وتحديداً بتاريخ 25-5-2013 تمّ تحويلي إلى إدارة الأمن السياسي- شعبة الأمن السياسي – بمنطقة المزة، حيث تم التحقيق معي مجدداً بشكل سريع، ثم قاموا بإخباري بأنه سوف يتمّ اطلاق سراحي نتيجة عفو رئاسي بعد تدخل منظمة دولية للإفراج عن عدد من المعتقلين. وفي حوالي الساعة الثانية عشر من منتصف ليل ذلك اليوم تمّ الإفراج عني والسماح لي بالعودة إلى البيت.
من بين الأمور "الطريفة" التي مرت معي خلال فترة الاعتقال وخاصة في فرع الخطيب، حيث شهدت عملية تحقيق مع طفلين لا تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاماً من منطقة حرستا بريف دمشق، وكان يُطلب منهم الإعتراف بانهم من التنظيمات المسلحة وبالفعل أقرّوا بذلك، فقد أقرّ الأول بأنه قام بتفجير دبابة عندما أصابها بقذيفة هاون من على الكتف، أمّا الثاني فقد اعترف بتهمة "مخزّن" أي من يقوم بتعبئة مخازن السلاح للجماعات المسلحة !!
أجرى اللقاء الزميل: بسام الأحمد
-------------------------------------------------------------------
لأية ملاحظات أو أسئلة يمكن التواصل معنا عبر بريدنا الالكتروني
editor@vdc-sy.info
للاطلاع على تقاريرنا السابقة باللغة العربية
http://www.vdc-sy.org/index.php/ar/reports
للاطلاع على تقاريرنا السابقة باللغة الإنكليزية
http://www.vdc-sy.info/index.php/en/reports/